كتبت: جهاد شعبان
شهدت مصر مساء الاثنين الماضي حادثًا استثنائيًا حين اندلع حريق ضخم في سنترال رمسيس بوسط القاهرة، استمر حتى ظهر الثلاثاء، مخلفًا تأثيرًا مباشرًا على قطاعات اقتصادية حيوية أبرزها الإنترنت، الاتصالات، الخدمات البنكية، وحركة التداول في البورصة المصرية. جاء ذلك رغم ضخ الدولة استثمارات عامة في قطاع التكنولوجيا تصل إلى نحو 145 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري، وفقًا لوثيقة حكومية اطلعت عليها «معلومات مباشر».
توقف جزئي للخدمات الاقتصادية الحيوية
أدى الحريق في أقدم سنترال بمصر إلى توقف خدمات الإنترنت والاتصالات بعدد من الشركات والهيئات، بجانب تعطل بعض خدمات البنوك، وهو ما دفع البورصة المصرية إلى وقف التداولات يوم الثلاثاء. ورغم عودة خدمة الإنترنت مساء الاثنين بشكل محدود، اشتكى مستخدمون من بطء الشبكة وتأثر أعمالهم.
استثمارات ضخمة في التكنولوجيا
بحسب الوثيقة الحكومية، تبلغ الاستثمارات العامة للقطاع التكنولوجي نحو 145 مليار جنيه، منها 9 مليارات للجهاز الحكومي و7.4 مليار للهيئات الاقتصادية، بنسبة نمو 71% مقارنة بالعام المالي الماضي. وأوضح مصدر لـ«معلومات مباشر» أن القطاع يُعد عصب الاقتصاد المصري حاليًا، مشيرًا إلى معدل نمو يتجاوز 15% سنويًا، فضلًا عن تشابكه مع قطاعات حيوية يُعزز التحول الرقمي.
أهمية استراتيجية لسنترال رمسيس
أشار المصدر إلى أن سنترال رمسيس يُغطي نحو ثلث خدمات الاتصالات في مصر، ما جعل الحريق يؤثر على قطاعات متعددة. واعتبر أن الحادث يمثل جرس إنذار للإسراع بتطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات.
جهود عاجلة للتعامل مع الأزمة
أكد وزير الاتصالات عمرو طلعت نقل خدمات سنترال رمسيس إلى سنترالات بديلة لضمان استمرارية العمل، مع عودة تدريجية لخدمة الاتصالات خلال 24 ساعة، بينما يظل السنترال الرئيسي خارج الخدمة لأيام. وأشار إلى أن معظم الخدمات الحيوية تعمل بشكل طبيعي في أغلب المحافظات، مع العمل على إصلاح الأعطال ببعض المناطق.
تأثير محدود على الطيران
وزارة الطيران المدني ذكرت حدوث تأخيرات محدودة في مواعيد إقلاع بعض الرحلات بمطار القاهرة نتيجة العطل المفاجئ في شبكات الاتصالات، دون إلغاء أي رحلة، في حين سارت حركة الطيران بشكل طبيعي بباقي المطارات.
إجراءات استثنائية بالبنوك
قرر البنك المركزي المصري رفع الحد الأقصى للسحب النقدي اليومي من فروع البنوك إلى 500 ألف جنيه بدلًا من 250 ألفًا، ومد ساعات العمل ببعض الفروع حتى الخامسة مساءً لتلبية احتياجات العملاء. كما تعطلت بعض ماكينات الصراف الآلي (ATM) ونقاط البيع الإلكترونية (POS) وخدمات الإنترنت البنكي والموبايل المصرفي في مناطق متفرقة.
استمرار الخدمات الرقمية والدفع الإلكتروني
أكدت شركة «إي فاينانس» استمرار عمل جميع خدماتها بكفاءة طبيعية، موضحة أن الصعوبات في بعض المناطق ترجع إلى اضطرابات مؤقتة بخدمات الإنترنت التابعة لشركات الاتصالات، وأنها تتابع بشكل لحظي مع الجهات الحكومية لضمان استقرار الخدمات.
الهيئة العامة للاستثمار شددت بدورها على التنسيق مع الجهات المختصة لتلافي انقطاع خدمات التحصيل الإلكتروني وضمان استمرار تقديم الخدمات للمستثمرين دون تأخير.
تعليق التداول في البورصة
أعلنت إدارة البورصة المصرية تعليق التداول الثلاثاء حفاظًا على مبدأ تكافؤ الفرص، في ظل عدم قدرة بعض شركات السمسرة على التواصل بكفاءة مع السوق نتيجة انقطاع الإنترنت. وأكدت البورصة وشركة مصر للمقاصة انتظام خطوط الربط بينهما، مع إتمام تسويات عمليات الأمس بشكل طبيعي.
آراء الخبراء
أشاد محللو أسواق المال بقرار تعليق التداول باعتباره يحمي مصالح المستثمرين في ظل الظروف الاستثنائية. وتوقعت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، تأثيرًا سلبيًا محدودًا على أحجام التداول في جلسة اليوم التالي، بينما رجح محمد جاب الله، عضو مجلس إدارة شركة رؤية أون لاين، أن يبدأ السوق بجلسة بيعية مذعورة ثم يستعيد توازنه.
جهود تنظيمية وخطط بديلة
أشار المهندس محمد إبراهيم، رئيس قطاع التفاعل المجتمعي بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، إلى عودة تدريجية لخدمات الاتصالات خلال ساعات، مع منح الأولوية للبنوك والخدمات المالية. وأضاف أن الجهاز يعمل على مراجعة أسباب الحريق وتعويض العملاء المتضررين، لافتًا إلى خطط تحديث البنية التحتية والحد من الاعتماد على شبكة واحدة.
حماية مصالح السوق
أكدت رانيا يعقوب، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، أن قرار التعليق استثنائي ويهدف لحماية مصالح المستثمرين وتحقيق تكافؤ الفرص، خاصة بعد تعطل خدمات الإنترنت الواسع وتأثر الشركات العاملة في السوق.
في الختام، تتواصل جهود استعادة الخدمات الرقمية والبنية التحتية، في وقت يؤكد فيه الخبراء أهمية تحديث البنية التكنولوجية وتقليل المخاطر الناتجة عن الاعتماد على مراكز اتصالات مركزية.