حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري يقول :
التخلي عن الجنيه بسبب انخفاض عوائده كان سبباً في ضعفه وارتفاع الأسعار
بدأنا مرحلة الاتجاه لسعر فائدة نزولي بدلاً من مرحلة توقعات رفع الفائدة
توجه حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، بالشكر لرؤساء البنوك وفريق العمل في البنك المركزي ومجلس إدارة البنك المركزي، وذلك للجهود التي بذلها الجميع خلال فترة طويلة من الصدمات الخارجية والمشاكل الداخلية وقد تحمل الجهاز المصرفي على عاتقه كل تلك التحديات لنستطيع اليوم أن نقف للحديث بكل ثقة عن خطة وطريق نستطيع الوصول إليه بكل كفاءة وبما يعود على كل الشعب المصري بنتائج طيبة وبانحسار التضخم.
وقال إن قرار رفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس يهدف إلى وضع التضخم على مساره النزولي حتى يتقارب من المعدلات الأحادية المستهدفة على المدى المتوسط، وقد أصدر البنك المركزي المصري بياناته وإيضاحاته المخاطبة للمتخصصين، بينما يجب شرح الأمور ببساطة لكافة المواطنين حيث يتعلق الأمر بزيادة الأسعار.
وأوضح أن المواطن عندما يتعلق الأمر بأمواله فإنه بذكاء فطري ودون الحاجة لدراسة الاقتصاد يحاول جاهداً الحفاظ على قيمة مدخراته من التضخم الذي يعتبر من أشرس الأمراض التي تواجه أي اقتصاد، وبالتالي كان المواطن ينظر إلى أمواله في البنوك وكيف أن العائد عليها لا يتناسب مع مستويات الأسعار المرتفعة باستمرار وهكذا كان المواطن يتخلى عن الاحتفاظ بالجنيه المصري ويلجأ لشراء السلع التي ترتفع أسعارها باستمرار بداية من السلع المنزلية وحتى المعادن والعملات الأجنبية وأي شيء أخر.
وأضاف أنه لذلك كان لابد من زيادة العائد على الجنيه المصري كي يستطيع الجنيه المصري أن يحافظ على جاذبيته كقيمة للاستثمار، وبالتالي يحافظ على قيمته أمام مختلف السلع والعملات ولا نشهد المزيد من الارتفاعات السعرية الناجمة عن تخلي المواطنين عن الجنيه المصري في سبيل شرائهم أي شيء أخر، لأنه مع رفع سعر العائد على الجنيه المصري سيصبح الاحتفاظ به مفيداً لحائزيه ولجميع المواطنين والاقتصاد المصري.
سعر الفائدة ليس الحل الوحيد وما حدث مجرد بداية لجهود واجبة من الجميع
وأكد محافظ البنك المركزي أن رفع الفائدة إلى هذا الحد شيء مطلوب ومهم للغاية ورغم أن رفع أسعار الفائدة يعتبر أحد الحلول الرئيسية لكنه ليس الحل الوحيد وهناك حلول أخرى متعددة، واليوم بعد أن وصلنا إلى هذا المستوى من سعر الفائدة فإننا سنبدأ مساراً تنازلياً لأسعار الفائدة وليس مساراً تصاعدياً كما كان في السابق، ولن يتردد البنك المركزي المصري في استعمال أي من الأدوات التي يمتلكها كي يصل على المدى المتوسط إلى سعر تضخم أحادي.
وقال أن ذلك لا يحدث في يوم وليلة وكل ما حدث مجرد بداية تحتاج إلى عمل متواصل ليس من البنك المركزي فقط وإنما على مستوى كافة القطاعات في الاقتصاد الحقيقي، وهذا ما نحتاجه جميعاً وتلك الأيام الماضية كانت أياماً عصيبة وشهدت توقعات كثيرة متشائمة بشأن التضخم وأسعار الصرف كان لابد من التصدي لها وإنهائها تماماً.
الارتفاع الرسمي للدولار أهون من تركه لعشوائية وسوداوية السوق الموازي
وتحدث عن قرار سعر الصرف، قائلاً إن الكثير من الأصوات كانت تشير إلى حساسية سعر الصرف تجاه معدلات التضخم وكانت تطالب بعدم رفع سعر الصرف للحفاظ على التضخم، ولكن وجهة نظر البنك المركزي وجميع مؤسسات الدولة هي أن وجود سعرين للصرف في أي اقتصاد هو مرض خطير لا تستقيم معه الأمور، وأن يصل الدولار من 30 جنيه إلى 50 جنيه في اليوم الأول لتحريك سعر الصرف أفضل من ترك الأمور للسوق السوداء التي وصلت بالدولار إلى أكثر من 70 جنيه مع المزيد من التوقعات المتشائمة التي سيطرت على كافة المواطنين والقطاعات الاقتصادية سلباً لأن توقعات ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء لم تكن منطقية.
ويرى أن الارتفاعات الجنونية التي سجلها سعر الدولار أمام الجنيه في السوق السوداء كانت ناتجة عن عدم الثقة في الجنيه المصري بسبب ضعف عوائده مقابل التضخم وبسبب التوقعات السلبية لمستقبل التدفقات من العملات الأجنبية مقارنة بالالتزامات الدولارية، بينما اليوم يوجد ما يكفي لسداد الالتزامات ويفيض أيضاً، خاصة مع توحيد سعر الصرف.
كان لابد من إنهاء السوق السوداء للدولار لأنها رفعت أسعار السلع لمستويات خطيرة
وشدد على خطورة استمرار العمل بسعرين للصرف وسوف يؤثر ذلك سلباً على حياة المواطن اليومية لأن التذبذبات اليومية الهائلة لأسعار السوق الموازي كانت ستنعكس يومياً على أسعار كافة السلع والخدمات، وكانت إمكانيات القطاع المصرفي تقتصر على تدبير الدولار للسلع والمنتجات الاستراتيجية للمواطنين والتي أغلبها سلع ومنتجات مدعمة من الدولة، وبالتالي كانت باقي الأسعار مرتفعة جداً.
وأشار إلى أن النمط العام للمستهلكين في مصر ضعيف الحساسية تجاه تغيرات الأسعار لأن الأسعار كانت ترتفع ويستمر المواطن في الشراء بما يدفع الأسعار لمزيد من الارتفاع، وكان لابد على المستهلكين التحكم في مستويات استهلاكهم وتأجيل بعض قرارات الشراء كجزء من السيطرة على الموجة التضخمية خاصة عبر تقليل الطلب على السلع المستوردة.
وذكر أنه في ظل وجود السوق السوداء للدولار، كان الكثير من البائعين يدعون أنهم يشترون الدولار بأسعار مرتفعة وكانوا يرفعون أسعار السلع إلى مستويات خيالية غير معقولة، بينما اليوم أصبح هناك إتاحة للسيولة الدولارية في الجهاز المصرفي كي يتم استخدام تلك السيولة في استيراد البضائع بسعر رسمي معروف للجميع ومن ثم استقرار الأسعار لدى جميع البائعين دون مغالاة.
وقال حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، إنه لا شيء يمكن إخفاؤه عن المتعاملين داخل القطاع المصرفي المصري، وقد شهد اليوم الأول لتحريك سعر الصرف إتاحة قوية للدولار بسبب التنازلات والتدفقات الواردة إلى القطاع من مختلف الشركات والمواطنين بعد أن غيرتها وجهتها من السوق السوداء إلى البنوك وقد تم استخدام تلك التنازلات وإتاحتها لعملاء أخرين دون الحاجة لتدخل البنك المركزي المصري ودون الحاجة لبيع البنك المركزي أي دولار من أرصدته.
الأسواق الخارجية تفتح أبوابها لمصر بفائدة 6% بدلاً من 30% على الدولار
وأكد أن الجهاز المصرفي المصري لأول مرة يرى موارد دولارية وتنازلات من المواطنين عن الدولار بهذا الحجم، وهذا لا يعني أن المشكلة انتهت في يوم واحد ولكن الحلول بدأت تتخذ مسارها الصحيح الذي سوف يعمل على إنهاء كافة المشاكل بشكل تدريجي.
وكشف محافظ البنك المركزي أنه في وقت سابق أوصلت المخاطر الاقتصادية المصرية سعر السندات الدولارية المطروحة إلى 25%، وذلك كان يعني أن الدولار غير موجود ولو استطاعت أي جهة توفيره سوف تقوم بتوفيره عند سعر فائدة 30%، بينما اليوم وصل سعر الفائدة على أدوات الدين الدولارية إلى 6% فقط نتيجة زوال المخاطر وارتفاع مستوى الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على السداد.
عقود مخاطر الائتمان للاقتصاد المصري تنخفض من 27% إلى 2%
وأضاف أن هذا يعني أن أسواق الدين الخارجية أصبحت مفتوحة أمام الاقتصاد المصري إذا ما تم الاحتياج إليها في أي وقت وعلى كل حال فإنها مؤشر على الثقة في الاقتصاد المصري وقدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه المقرضين.
كما أن عقود مبادلة مخاطر الائتمان والتي بمثابة التأمين على إخفاق بلد أو شركة كانت وصلت في مصر إلى 27% سنوياً بينما اليوم وصلت إلى 211 نقطة أي 2.11% نتيجة الإصلاحات النقدية والاقتصادية على مستوى الدولة.
العقود الآجلة على العملات الأجنبية تنخفض بنسبة 30% منذ بداية العام
وقال إن العقود الآجلة على العملات الأجنبية انخفضت بنسبة 30% منذ بداية العام. وفي ختام كلمته توجه حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري بالشكر إلى الحكومة المصرية نتيجة التنسيق الكبير، وكذلك الدعم الهائل المقدم من القيادة السياسية التي لولاها لم نصل إلى الإصلاحات الراهنة.
وأكد أن الاقتصاد المصري على بداية المسار الصحيح للاتزان والقوة الاقتصادية بمجهودات وتفاهمات الجميع.
وفي سؤال حول سعر صرف الدولار المتداول حالياً بالبنوك وهل هو السعر العادل وما هي آليات تحديد سعر صرف الجنيه المصري أمام باقي العملات الأجنبية في إطار المنظومة الجديدة لتحرير سعر الصرف.
أجاب حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، إن الجهاز المصرفي المصري يفتخر بنظام التعامل بين البنوك وبعضها وهذا النظام يتأثر عندما تنشأ سوق غير رسمية تسحب الدولار من خارج النظام الرسمي، وهذه السوق غير الرسمية لا يمكنها تسعير الدولار أمام الجنيه لأنها ليس لديها القدرة على حصر جميع مستويات العرض وجميع مستويات الطلب على عكس السوق الرسمي المتصل بين جميع البنوك معاً.
محافظ البنك المركزي: السوق الموازية للدولار ليس لديها أي معايير أو مقاييس لتحديد سعر الدولار
وأضاف أن السوق الموازية للدولار ليس لديها أي معايير أو مقاييس لتحديد سعر الدولار أمام الجنيه المصري لأنها تخضع لتقدير كل طرفين في كل علمية على حدة بينما نظام الإنتربنك في البنوك المصري يستوعب كافة الموارد وكافة الاحتياجات ويستطيع تحديد السعر العادل.
وأكد أن التدفقات الدولارية الواردة للقطاع المصرفي ارتفعت بما يفوق الطبيعي وقد بدأ الجهاز المصرفي تلبية كافة الطلبات على الدولار، ولا يزال القطاع المصرفي يواصل تلبية كافة احتياجات الدولار للجميع ولديه القدرة الكاملة على تحقيق ذلك في أقرب فرصة ممكنة.
محافظ البنك المركزي : تحرير سعر الصرف ليس الحل الوحيد للتحديات الاقتصادية
ويرى محافظ البنك المركزي المصري، أن سعر الصرف ليس الحل الوحيد للتحديات الاقتصادية في مصر لأنه لو كان الحل الوحيد كانت جميع البلدان خفضت عملتها وتركت العمل والإنتاج، ولكن يجب أن يكون هناك اهتمام كبير من الجميع لدعم وزيادة الموارد الدولارية المتدفقة إلى الاقتصاد الوطني وصولاً إلى الجهاز المصرفي، مع ضرورة إنشاء صناعات وأفكار لحل المشكلة من جذورها بدلاً من تكرار نفس المشكلة في المستقبل ونحن اليوم في اتجاه حل المشكلة من جذورها.
وصرح بأن السبب في عجز التدفقات الدولارية ليس تباطؤ الإنتاج أو التصدير وإنما بسبب توجيه تحويلات المصريين في الخارج إلى السوق الموازي وبسبب أخر هو تباطؤ الاستثمارات الأجنبية بسبب الظروف العالمية، واليوم بعد توحيد سوق الصرف وزيادة التدفقات الدولارية من جديد عبر الاستثمارات العربية وغيرها وعودة تحويلات المصريين في الخارج إلى القطاع المصرفي أصبح لدينا القدرة الكاملة على تشغيل نظام سوق الصرف الرسمي الأقدر على تحديد السعر المناسب للدولار.
محافظ البنك المركزي : الفائدة جزء ضئيل من تكاليف الإنتاج بينما التضخم يؤثر على كافة المدخلات
وفي سؤال أخر من السادة الصحفيين والإعلاميين عن تأثير تقييد السياسة النقدية بمقدار 600 نقطة أساس على النشاط الاقتصادي.
أوضح محافظ البنك المركزي المصري أن الهدف الرئيسي هو مواجهة معدلات التضخم المرتفعة لأن البنك المركزي المصري لم ولن يعد يستهدف سعر صرف محدد وإنما يستهدف التضخم وهذا يتطلب تنسيق بين كافة الإجراءات في المالية والاستثمار الحكومي والبنك المركزي وذلك من أجل الوصول إلى رقم تضخم يماثل أرقام التضخم في الدول المتقدمة.
واستكمالاً للإجابة على سؤال تأثر الأعمال بارتفاع أسعار الفائدة، أوضح أن الأعمال في مصر كانت تواجه تضخم ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وندرة في العملات الأجنبية، بينما ارتفاع سعر الفائدة يضر الأعمال على المدى القصير فقط وأسعار الفائدة لا تؤثر إلا على المدى القصير،.
كما أن سعر الفائدة يعتبر جزء من مكونات الإنتاج يمثل 12% وبالتالي فإن ارتفاعها سيكون أقل تأثيراً من ارتفاع التضخم لأسعار مدخلات الإنتاج التي تمثل باقي مكونات الإنتاج، ولذلك كان من الأفضل زيادة أسعار الفائدة لفترة مؤقتة بهدف السيطرة على معدلات التضخم بدلاً من خفض الفائدة وترك معدلات التضخم في ارتفاع مستمر.
المحافظ يشدد على ضرورة أن يعلم مجتمع الأعمال أن زيادة أسعار الفائدة في مصلحة الجميع
وشدد على ضرورة أن يعلم مجتمع الأعمال أن زيادة أسعار الفائدة في مصلحة الجميع لأنها تسيطر على التضخم الذي يحول دون قدرة مجتمع الأعمال على تدبير مدخلات الإنتاج بسعر منافس ومن ثم تسويق منتجاته بالسعر المناسب.
كما أن سعر الصرف الرسمي المرن سوف يساهم في رفع قدرات المنتجين على التسعير غير أنه يمكن لهم الاعتماد في التسعير على العقود المستقبلية للدولار لتثبيت السعر في المستقبل وهذه الآلية متاحة في أغلب بنوك القطاع المصرفي.
وفي سؤال أخر عن مدى إمكانية تدخل البنك المركزي مستقبلاً في تحديد سعر الصرف أم ترك الأمر بالكامل لحرية العرض والطلب، أوضح محافظ البنك المركزي المصري، أن الدولار في السوق الرسمي متروك لآليات العرض والطلب ولكن لا يوجد دولة تترك عملتها بالكامل دون انضباط.
محافظ البنك المركزي : عند حدوث تذبذبات غير منطقية لسعر الصرف يجب أن تتدخل البنوك المركزية
وأضاف أنه عند حدوث تذبذبات غير منطقية يجب أن تتدخل البنوك المركزية وذلك يحدث في أقوى اقتصاديات العالم لمعالجة حركة سريعة غير منطقية والبنك المركزي المصري لديه القدرة حالياً على التدخل لعلاج أي خلل في منظومة سعر الصرف كما أنه يستطيع استخدام الموارد الجديدة الناجمة عن تنازل الأفراد والشركات داخل مصر عمّا بحوزتها من عملات أجنبية.
وفي سؤال عن عودة إتاحة الشراء الدولي ببطاقات الائتمان، قال محافظ البنك المركزي إن الاستخدام الشهري لبطاقات الائتمان قفز فجأة إلى نحو 750 مليون دولار شهرياً، رغم أن هذا المبلغ يمكنا استخدامه في تدبير احتياجات رئيسية من الغذاء والدواء، وقد نظرنا إلى تعاملات تلك البطاقات وجدنا أصحابها ترسلها مع المسافرين دون أن تسافر بأنفسها لسحبها بالسعر الرسمي وإعادة بيعها بالسعر في السوق السوداء والمفاجأة أن بعض هؤلاء كان لديهم أرصدة دولارية في البنوك ومع ذلك اتجهوا لاستخدام بطاقات الائتمان لاقتراض دولار بسعر منخفض وبيعه بسعر أعلى.
وكشف أنه اليوم ومع إتاحة وفرة كبيرة من الدولار في القطاع المصرفي، تم التوجيه بفتح استخدامات بطاقات الائتمان خارج مصر وفقاً للحدود التي يقررها كل بنك لبطاقاته مع منح أولوية قصوى لمصاريف التعليم خارج مصر والعلاج بالخارج والأدوية والقطاع الصحي.