كتبت: جهاد شعبان
أكد المهندس عاطر حنورة، رئيس وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية، أن نجاح الدولة في مشروعات التعليم بالشراكة مع القطاع الخاص مرهون بوضوح الهدف، ودقة التعاقدات، وكفاءة إدارة العقود، وليس فقط في إقامة المدارس أو تشغيلها.
وأوضح حنورة خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية للقمة السنوية الرابعة للاستثمار في التعليم، أن مشروع المدارس المتميزة تم إطلاقه لسد الفجوة بين التعليم الحكومي والتعليم الخاص مرتفع التكاليف، بما يخدم شريحة واسعة من الطبقة المتوسطة، خصوصًا من لا يستطيعون دفع 70 أو 80 ألف جنيه سنويًا، ويضطرون للجوء إلى المدارس الحكومية المزدحمة والدروس الخصوصية.
وأضاف أن الدولة وفرت الأراضي، بينما تولّى القطاع الخاص التمويل والإنشاء والإدارة، مؤكدًا أن المصروفات كانت منخفضة نسبيًا – حوالي 15 ألف جنيه – مقابل خدمة تعليمية متميزة بلغات ومعايير جودة مرتفعة، وتم اختيار المستثمرين بعناية وفقًا لخبراتهم.
أشار حنورة إلى أن المدارس امتلأت بالطلاب أسرع من المتوقع، وهو ما يعكس نجاح التجربة. لكن المرحلتين الثانية والثالثة تأخرت لأسباب تتعلق بعدم توفر الأراضي، فضلًا عن أن تمويل المرحلة الأولى بالكامل تم عبر رؤوس أموال خاصة (equity) دون تمويل مصرفي، ما شكل عائقًا أمام التوسع السريع.
أكد حنورة أن عقود الشراكة من النوع المركب والمعقد، تتضمن التمويل، والإنشاء، والإدارة، والصيانة، وتقديم الخدمة التعليمية، وهي عقود طويلة الأجل تتطلب فهمًا عميقًا لفن “إدارة العقود” (Contract Management)، وليس فقط “إدارة المشاريع”.
وأوضح أن إدارة العقد مسؤولية فريق متخصص وليس فردًا، ويضم عناصر مالية وفنية وقانونية، مؤكدًا أن فسخ العقود يمثل فشلًا للجميع، ويجب أن يكون الملاذ الأخير لأن نتائجه السلبية تمس الدولة والمستفيدين من الخدمة قبل المستثمر.
وأبرز حنورة أن العقود يجب أن تحدد مواصفات الخدمة والمخرجات (Output specs) بوضوح وليس فقط المدخلات، مؤكدًا أن المستثمر الجاد غالبًا ما يقدم جودة أعلى من المطلوب قانونًا لأنه ملزم بالصيانة طويلة الأجل، ما يدفعه لاختيار مواصفات تقلل تكاليف التشغيل مستقبلًا.
وكشف رئيس وحدة الشراكة بوزارة المالية، عن مبادرات جديدة يتم العمل عليها في مجال التعليم الفني، لافتًا إلى أن التكلفة الفعلية لهذا النوع من التعليم تتراوح بين 40 و60 ألف جنيه سنويًا، وهو ما لا تتحمله معظم الأسر، لكنه أشار إلى تجارب ناجحة مثل السويدي والعربي، حيث يتحمّل المستثمر نصف أو أكثر من التكلفة.
وأوضح حنورة أن هناك تعاونًا جارٍ مع وزارة التربية والتعليم لطرح مشروعات تعليم فني جديدة، خاصة في المدارس الزراعية التي تمتلك أصولًا ضخمة، مثل أراضٍ تصل إلى 30 أو 40 فدانًا على النيل، ويمكن استثمارها لتمويل وتطوير التعليم الفني وتحقيق عوائد مستدامة.
واختتم حنورة حديثه بالتأكيد على أن المسألة ليست في إنشاء مدارس فقط، بل في التأكد من أن هذه المشروعات تحقق الأهداف الاستراتيجية للدولة في التعليم مشددًا على أهمية وجود خطة واضحة، وإدارة احترافية للعقود لضمان الاستمرارية وتحقيق الأثر المنشود.