بقلم – فخري الفقي رئس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري
بمناسبة ما أثير من أحد الزملاء بمجلس النواب عند مناقشة موازنة العام المالي القادم ٢٠٢٥/ ٢٠٢٤ يوم الاحد ٢ / ٦ عند عرض تقرير لجنة الخطة والموانة، حيث طلب محاكمة لواضعي الموازنة وطرح سؤالا حول: “من هو الأصدق بياناً الصندوق أم مصر؟ ” وحسما للأجابة على هذا السؤال الذي اثار بلبلة في أوساط المهتمين بهذا الشأن وغيرهم .
خرج علينا خبراء صندوق النقد الدولي ليجيبوا بأنفسهم للمرة الثالثة خلال فترة وجيزة ليؤكدون ويعلنون على الملأ بأن بيانات مصر تعبر بصدق عن حقيقة أزمتها الحالية و تستحق منه الموافقة للمرة الثالثة على ممارسة حقها كعضو مؤسس ومساهم في رأسماله منذ عام 1945 في الحصول على التمويل الميسر اللازم لمواصلة تنفيذ برنامجها الوطني إلى نهايته في إطار تسهيل الصندوق الممدد Extended Fund Facility – EFF.
المرة الأولي، عندما أعلن الصندوق على الملأ في أوائل مارس الماضي موافقتة على مواصلة مشاوراته وتمويله لبرنامج مصر الوطني للإصلاح الاقتصادي والهيكلي وإتمام المراجعة الأولى والثانية المؤجلتين الموافقة عليهما مرة واحدة وصرف الشريحة الثانية من التمويل.
المرة الثانية، عندما أعلن الصندوق في نفس التوقيت موافقته على زيادة تمويله الميسر لمصر إلى 8 مليار دولار بدلا من 3 مليار دولار.
المرة الثالثة، كانت أول أمس 6 يونيو عندما وافق على إتمام المراجعة الثالثة للبرنامج وصرف الشريحة الثالثة من التمويل.
وبذلك يؤكد الصندوق للمرة الثالثة بأن البيانات التي تقدمها مصر تعبر بصدق عن أزمتها الراهنة وتعكس إصرارها على الخروج بشعبها الصامد آمنة لمواصلة البناء.
القضية ليست فيمن نصدق مصر أم الصندوق .. القضية أكبر من ذلك .. الخطورة يا ساده تتمثل في زعزعة الثقة وإشاعة البلبة بين شعب مصر الأصيل وقيادته السياسية التي تتحلي بالصبر والحكمة.
لقد طيرت إلينا وسائل الإعلان العالمية والمحلية ووسائل التواصل الاجتماعي خبر الوصول إلى الاتفاق على مستوى الخبراء باتمام المراجعة الثالثة في موعدها (15 مارس – 15 يونيو) وعرضه للموافقة النهائية على مجلس المدراء التنفيذيين (مجلس الإدارة المكون من 24 مدير تنفيذي يمثلون 190 دولة هم أعضاء الصندوق) غالبا ستتم الموافقة قبل نهاية الشهر الحالي بعدها يتم صرف الشريحة الثالثة بقيمة 820 مليون دولار .
وعلى ذلك تكون مصر قد حصلت علي إجمالي مبلغ 1.987 مليار دولار ( عبارة عن الدفعة الاولى البالغة 347 مليون دولار + الشريحة الثانية بقيمة 820 مليون دولار بعد إتمام المراجعين الاولي والثانية المؤجلتين + الشريحة الثالثة بقيمة 820 مليون دولار التي ستصرف بعد الاعلان عن اتمام المراجعة الثالثة)، وبهذا يتبقي لمصر خمس مراجعات لبرنامجها الوطني للإصلاح الاقتصادي والهيكلي الذي بدأ في 16 ديسمبر 2022 ولمدة 4 سنوات تنتهي في ديسمبر 2026.
ويتم تمويل هذا البرنامج الوطني في إطار تسهيل الصندوق الممد Extended Fund Facility – EFF بإجمالي 8 مليار دولار بدلا من 3 مليار بعد موافقة الصندوق مؤخرا علي زيادة هذا التمويل بخمسة مليارات دولار تقديرا لجهود السلطات المصرية (حكومة + البنك المركزي) في الالتزام بتنفيذ ماتم عليه في اطار البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والهيكلي.
وفي ضوء ذلك، يتبقي امام مصر اجراء خمس مراجعات نصف سنوية مع خبراء الصندوق تنتهي بنهاية عام 2026، حيث ستبدأ المراجعة الرابعة بمشيئة الله خلال الفترة (9/15 – 12/15) وفي حال إتمامها ستحصل مصر على شريحة مالية تبلغ نحو 1.2 مليار دولار لكل شريحة من الشرائح الخمس المتبقية.
وفي النهاية هناك ملحوظتان هامتان
الملحوظة الأولى، أن هذا التمويل البالغ 8 مليار دولار سيسدد على 10 سنوات، منها فترة سماح 4.25 سنة على أن يبدا سداد اول قسط ابتداء من منتصف عام 2027 علي 10 أقساط نصف سنوية بقيمة 880 مليون دولار لكل قسط ، منها (800 مليون دولار من اصل القرض + 80 فائدة).
الملحوظة الثانية، تتعلق بأن مصر مؤهلة للحصول تمويل أخر ميسر طالما:
١- لديها برنامج ممول من الصندوق.
٢- أن لها سجل جيد في تعاملاتها المالية مع الصندوق، أي لم تتخلف في تاريخها عن سداد التزاماتها المالية تجاه الصندوق منذ ان انشائه عام 1945 للحصول على ويعرف هذا التمويل الاستثنائي بتسهيل الصابة والاستدامة – RSF Facilty Sustainabilty Resiliency and المقدم من الصندوق لاعضائه من للدول التي تمر بازمات اقتصادية.
والمخصص لتمويل استثمارت خضراء في مشروعات صديقة للبيئة، وتبلغ الحد الاقصي له نحو 1.2 مليار دولار يصرف علي 4 شرائح سنوية، ويسدد علي مدار 20 سنة وفترة سماح 10.5 سنة وفائدة تعادل نصف الفائدة في الاسواق العالمية التي لا تتعدي 2.5 %.
الخلاصة
أن مصر يمكنها الخروج من هذ الازمة بسلام خلال عام 2025 اذا اذا ما التزمت بتنفيذ ما جاء في برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي مع حسن ادارة واستخدام تلك التدفقات النقدية سواء كانت من الصندوق او باقي شركاء التنمية لمصر (تدفقات البنك الدولي البالغة 6 مليار دولار منها منها 3 مليار للقطاع الخاص، اضافة الي 8.1 مليار دولار من الاتحاد الاوربي على مدار الثلاث سنوات القادمة أيضا بشروط ميسرة للغاية من حيث فترة السداد والسماح وسعر الفائدة).
وفي النهاية أن حسن إدارة الحكومة القادمة للملف الاقتصادي من كل جوانبه لكفيل بان يخرج مصر بامان من ازمتها الحالية.