رفع بنك جولدمان ساكس توقعاته لعجز ميزان المعاملات الجارية في مصر، من متوسط 12.5 مليار دولار إلى 16.5 مليار دولار، خلال 4 سنوات مالية تبدأ من السنة المالية الجارية، وفقا لوكالة أنباء العالم العربي.
“هناك ثلاثة عوامل وراء تعديل التوقعات حيال ميزان المعاملات الجارية أولها ضعف أكبر في إيرادات قناة السويس، إذ أن البنك افترض في السابق أن إيرادات القناة ستنخفض بواقع النصف في أول ستة أشهر من 2024، لتعود إلى مستوياتها السابقة اعتبارا من يوليو فصاعدا”، قال الخبير الاقتصادي لدي البنك فاروق سوسة.
وأفاد سوسة أن ثمة بيانات تشير إلى أن انخفاض الإيرادات سيكون أكثر حدة منذ ذلك، لتتراجع بنحو 60% في أول ستة أشهر من العام، وأضاف أنه علاوة على ذلك، لا توجد دلائل على أن البيئة الجيوسياسية آخذة في التحسن أو أن تدفق حركة العبور سيتعافى في الأجل القصير.
وبحسب التقديرات المنشورة في مذكرة البنك، ستتراجع عائدات قناة السويس إلى 6.9 مليار دولار في السنة المالية الجارية، ثم إلى 6.7 مليار دولار في السنة المالية المقبلة، مقارنة مع 8.76 مليار دولار في السنة المالية الماضية.
وبحسب تقديرات البنك الأميركي، ستبدأ الإيرادات في التعافي لترتفع إلى 9.6 مليار دولار تقريبا في 2025/ 2026.
من ناحية أخرى، قال جولدمان ساكس إن العامل الثاني يتمثل في تقليص تقديراته لصادرات مصر من النفط والغاز ورفع تلك الخاصة بنمو الواردات مما سينتج عنه عجز هيكلي أكبر في المواد الهيدروكربونية مقارنة مع توقعاته السابقة، وقال البنك إن هذه التقديرات تعكس وجهة نظره بأن النمو في الإنتاج المحلي من النفط والغاز ما زال مقيدا بسبب نقص الاستثمار على المدى المتوسط، وبأن المخاطر المحيطة بالأسعار تميل إلى الجانب النزولي.
وأضاف أن الاستهلاك المحلي أيضا من المقرر أن يرتفع مع تحسن آفاق النمو، وأن النقص المحلي ستتم تغطيته بزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال بدءا من هذا الصيف.
في السياق ذاته، قال البنك إن العامل الثالث وراء تعديل التوقعات حيال ميزان المعاملات الجارية يتمثل في رفع توقعاته لواردات الخدمات بما يعكس نموا وتراكما أقوى للطلب وتحسن إتاحة النقد ألأجنبي، وأضاف أن ذلك يخفض توقعاته الإجمالية لميزان الخدمات.
يتوقع البنك أن يتسع عجز ميزان المعاملات الجارية من 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الماضية إلى 5.4% في السنة المالية الجارية، وسيبلغ في المتوسط حوالي 4% في السنة المالية المقبلة وحتى 2026/2027.
قال البنك إن ذلك يمثل مراجعة كبيرة لتوقعاته السابقة، التي قدرت عجز ميزان المعاملات الجارية بحوالي 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2027.
وبحسب تقديرات البنك، فإن عجز ميزان المعاملات الجارية سيبلغ 16 مليار دولار في السنة المالية الجارية، و13.5 في 2025/2024، و15.38 مليار في 2026/2025، ثم 17.28 مليار دولار في 2027/2026.
عزا البنك ذلك إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بالقيمة الدولارية عقب تحرير سعر صرف الجنيه في أوائل مارس 2024.
توقعات بارتفاع احتياجات مصر التمويلية
رفع جولدمان ساكس تقديراته لاحتياجات مصر التمويلية الإجمالية، والتي تشمل عجز ميزان المعاملات الجارية بالإضافة إلى سداد الديون الخارجية متوسطة وطويلة الأجل، بشكل نسبي مقارنة مع توقعاته السابقة في منتصف مارس إذ يرى حاليا أن عجز ميزان المعاملات الجارية سيتسع بأكثر مما توقعه في السابق.
توقع البنك حزمة تمويلية أكبر من صندوق النقد الدولي وشركائه ستنتج فائض لمصر في التمويل الخارجي بنحو 23 مليار دولار على مدى السنوات المالية الأربع المقبلة، بما في ذلك السنة المالية الحالية، التي تنتهي بنهاية الشهر الجاري.
وفيما يتعلق بإصدارات الدين الخارجية، يتوقع البنك أن تعود مصر إلى الأسواق اعتبارا من العام القادم 2025 بإصدارات تبلغ سنويا حوالي ملياري دولار في جميع الأسواق وذلك في كل سنة مالية خلال فترة توقعاته التي تمتد حتى 2027/2026.
تحسن الاستثمار الأجنبي المباشر حتى 2026
من ناحية أخرى، قال البنك الأمريكي إن التطورات التي مرت بها مصر منذ فبراير من العام الجاري لها تأثير عميق على آفاق تدفقات المعاملات الرأسمالية على مدى السنوات القادمة.
أضاف أن تلك التأثيرات تتمثل في ارتفاع قوي في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر مشيرا إلى أن صفقة رأس الحكمة وحدها ستضيف لهذه التدفقات 24 مليار دولار في السنة المالية الجارية، وهو المبلغ الصافي الذي ستسدده الإمارات من مصادر خارجية، مشيرا إلى أنه أضاف هذا إلى مستوى الأساس السابق لديه البالغ نحو تسعة مليارات دولار لتدفقات الاستثمار الأجنبي في 2024.
“في حين أن المزيد من الصفقات المماثلة ربما تتم مع شركاء آخرين في الخليج في الأمد القريب، فإنه يفترض بتحفظ أنه سيتم تمويلها من موارد داخلية تتمثل في ودائع تلك الدول في البنك المركزي المصري مما سيكون له تأثير إيجابي على صافي مركز الاحتياطي لدى البنك المركزي المصري، لكنه لن يجلب تدفقات إضافية إلى البلاد”، قال جولدمان ساكس.
كما ذكر أيضا أنه اعتبارا من السنة المالية المقبلة، فإن الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي، وانحسار المخاوف بشأن العملة، والاستثمارات المتوقعة في رأس الحكمة ومشاريع أخرى مماثلة ستدفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة للارتفاع بقوة فوق خط الأساس السابق البالغ تسعة مليارات دولار لتصل إلى أكثر من 17 مليار دولار بحلول السنة المالية 2027/2026 وفقا لتوقعاته.
وبحسب تقديرات جولدمان ساكس، سيبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر 31.5 مليار دولار في السنة المالية الجارية، و11.6 مليار دولار في المقبلة و14.25 مليار دولار في السنة المالية التي تليها.
من ناحية أخرى، كرر البنك توقعاته بأن مصر ستشهد صافي تدفقات داخلة للمحافظ بحوالي 15 مليار دولار في السنة المالية الجارية التي تنتهي بنهاية يونيو، بينما أضاف أنه يتوقع المزيد من التدفقات في السنة المالية القادمة بصافي يبلغ نحو أربعة مليارات دولار قبل أن تستقر عند حوالي مليار إلى مليار ونصف المليار دولار بعد ذلك.
زيادة احتياطي النقد الأجنبي إلى 61 مليار دولار حتى 2027
ذكرت المذكرة البحثية للبنك أن التدفقات الداخلة من النقد الأجنبي لمصر ستعوض ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي على مدى السنوات المالية الأربع القادمة مما سيؤدي إلى تعزيز هوامش الأمان المالي من النقد الأجنبي.
قال البنك إن توقعاته تنطوي على زيادة في إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي، بما في ذلك ودائع البنك المركزي المصري في البنوك المحلية بالدولار، لتصل إلى 61 مليار دولار بحلول نهاية 2027.
وأفاد أن الاحتياطيات ارتفعت بالفعل لما يزيد على 55 مليار دولار منذ فبراير، لتسجل تحسنا قدره 13 مليار دولار، بينما عاد مقياسه لصافي الاحتياطيات القابل للاستخدام إلى تسجيل رقم إيجابي عند 8.7 مليار دولار في مايو وذلك للمرة الأولى منذ أوائل 2022.
ووفقا لجولدمان ساكس، يتوقع خروج تدفقات رأسمالية بقيمة 17 مليار دولار هذا العام إذ أن البنوك المصرية تعزز أصولها الأجنبية وتقلص التزاماتها الأجنبية من أجل إصلاح ميزانياتها العمومية الخارجية.
كما أضاف أن هذا أدى بالفعل إلى تحسن صافي عجز الأصول الأجنبية للبنوك من 17.6 مليار دولار في فبراير إلى حوالي 2.9 مليار دولار في أبريل، كما يتوقع أن يعود صافي الأصول الأجنبية لتسجيل مركز إيجابي في مايو ويونيو.