في قلب القاهرة، حيث يلتقي عبق التاريخ بسحر الحاضر، تشهد العاصمة المصرية مشروعًا طموحًا لإحياء اثنين من أبرز فنادقها التاريخية، “شيبرد” و”الكونتننتال”، واللذين شكّلا لعقود طويلة ذاكرة المدينة ووجهة لملوك ورؤساء وقادة عالميين. المشروع يندرج ضمن خطة شاملة لتطوير وسط القاهرة وتحويله إلى مقصد سياحي وثقافي عالمي، يعكس توازنًا بين الحفاظ على التراث وتلبية متطلبات العصر الحديث.
“شيبرد”.. أسطورة تطل من النيل
يُعد فندق “شيبرد” أحد أعرق فنادق القاهرة وأكثرها رمزية، إذ بُني عام 1841 ليكون ملتقى الملوك والفنانين والكتّاب العالميين. وقد خلدته الكاتبة البريطانية أغاثا كريستي في روايتها الشهيرة “المنزل الأعوج”.
بعد أن تعرض للحريق الكبير في القاهرة عام 1952، عاد الفندق إلى الحياة في موقعه الجديد بجاردن سيتي عام 1957. واليوم يخضع لمشروع تطوير شامل يرفع تصنيفه إلى فندق خمس نجوم بطاقة 269 غرفة وجناح، مع الحفاظ على طابعه الكلاسيكي الأنيق وإضافة أحدث الخدمات التي تلبي تطلعات السياح المعاصرين.
“الكونتننتال”.. ذاكرة ميدان الأوبرا
أما فندق “الكونتننتال”، الذي أُنشئ عام 1908 على الطراز الفرنسي–الإيطالي، فقد كان أيقونة للضيافة المصرية ومسرحًا للأحداث الوطنية الكبرى. بُني على مساحة 10 آلاف متر مربع بطاقة 300 غرفة وجناح، وكان مقرًا لاجتماعات سعد زغلول وحزب الوفد خلال مفاوضات الاستقلال، كما استضاف قادة وشخصيات تاريخية بارزة.
اليوم يشهد الفندق مشروع ترميم شامل يعيد إليه مكانته المرموقة، ليكون شاهدًا على عراقة التاريخ وواجهة عصرية للضيافة الراقية في قلب القاهرة.
بين الماضي والمستقبل
تسعى الحكومة المصرية إلى إعادة الفندقين إلى دائرة الضوء ضمن خطة تطوير وسط القاهرة، حيث ستتولى شركات إدارة عالمية كبرى تشغيلهما بما يعكس مزيجًا متقنًا بين التراث والحداثة.
ويؤكد المشروع أن القاهرة لا تكتفي بترميم مبانٍ قديمة، بل تستثمر في ذاكرتها الحية لتصنع مستقبلًا سياحيًا وثقافيًا مشرقًا، جامعًا بين أصالة الماضي وروح الحاضر.
كتبت – سماء طارق